0%
English
نبذة +

1950

1970

الازدهار وتحقيق الطموحات

أحمد وسعاد يتزوجان ويبدآن رحلتهما في العمل الخيري

أدى اكتشاف المملكة العربية السعودية للنفط إلى نمو اقتصادها نمواً كبيراً وبدأت بتحقيق الازدهار والتقدم في التنمية، وكان هذا النمو مدعوماً بتدفق الوافدين المتعلّمين من جميع أنحاء المنطقة. وهكذا التقى أحمد وسعاد وتزوجا. وسرعان ما قادت رؤى العطاء المشتركة بين الزوجين وقلباهما المحبان للخير لكل الناس إلى إطلاق أولى مبادراتهما الإنسانية.

"كان زوجي ’رحمه الله‘ قدوة ومصدر إلهام لي طوال حياتي، وكان عظيم الإيمان بقدرات الشباب. ولطالما كان يردد أن الحكمة تؤخذ من كبار السن، لكن الشباب يمتلكون الدافع والطاقة والحماس اللازم لتحويل الأفكار إلى واقع."

سعاد الجفالي

في عام 1938، أحدثت الثروات التي جنتها السعودية ثورة في وضع المملكة الجيواستراتيجي جرّاء اكتشاف النفط في ذلك العام. وقد منحت هذه الفترة من النمو الاقتصادي الاستثنائي البلاد نفوذاً أكبر خارج حدودها، وكان لحكومة الملك عبد العزيز آل سعود دور فعال في تأسيس جامعة الدول العربية في عام 1945.

وفقاً لذلك، فتحت المملكة أبوابها مستقبلةً الكثير من الفلسطينيين الهاربين من الصراع في بلدهم، وقدمت منازل جديدة ومنحت الجنسيات لأولئك الذين سُلِبت منهم بيوتهم مؤخراً. وكان من بين هؤلاء والد سعاد، الذي انتقل إلى المملكة السعودية لبدء حياة جديدة في الغربة. وخلال هذه الفترة، بقيت سعاد في بيروت لمواصلة التعليم الذي أرادته هي ووالداها بشدة.

وتستذكر سعاد تلك الفترة قائلة: "كان والدايّ مصرّين كل الإصرار على أن يبقى التعليم أولى الأولويات بالنسبة لنا نحن الأطفال ...  فقاموا بتسخير جميع مدخراتهما لإنفاقها على تعليمنا. ولكن للأسف عندما بلغت مرحلة دخول الجامعة، لم يكن ما ادّخراه كافياً لتغطية تكاليف الإقامة الكاملة والرسوم الدراسية المطلوبة. لقد حطّم ذلك حلمي، لكنني لم أفقد الإصرار والعزيمة". 

كان اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية نقطة تحول في مسار المملكة. الصورة: المي.

تقدمت سعاد بطلب للحصول على منحة دراسية في كلية بيروت للبنات (المعروفة اليوم باسم الجامعة اللبنانية الأمريكية) ونجحت بالحصول عليها. كما سمح لها برنامج مساعدة الطلاب بمواصلة دراستها. وتتذكر سعاد سنوات الدراسة باعتزاز قائلةً: "كانت تلك سنوات سعيدة من حياتي حين كنت طالبة. لكنني كنت دائماً أدرك وأعرف فعلاً معنى محنة اللاجئين والفلسطينيين المحتاجين في المنفى، لا سيما الطلاب الذين لم يتمكنوا من متابعة تعليمهم".

وخارج أوقات دراستها، تطوّعت سعاد في مدرسة مجتمعية محلية مخصصة للطلاب المحرومين من حياة كريمة والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. وتتابع قائلة: "لقد كنت متحمسةً جداً لهذه المبادرة التطوعية لأنها علّمتني أن أتعاطف وأتعامل برحمة مع أصحاب الهمم وأن أتفهّم أوضاعهم وأدعمهم. لقد كانت هذه التجربة غير المباشرة النبراس الذي أنار لي الطريق نحو تحقيق ما أصبو إليه من تطلّعات".

وكانت سعاد بعمر 21 عاماً عندما حصلت على درجة البكالوريوس في الآداب، تخصص علم النفس وعلم الاجتماع، وكانت قد قررت بالفعل تكريس بقية حياتها لمساعدة الأشخاص الأقل حظاً كي يحظوا بعيش كريم، وتضيف قائلة: "أردت أن أعمل في مشاريع إنسانية، لا سيما في مجالي الصحة والتعليم. أردت أن أستثمر في البشر وفي إحداث فرق في حياتهم، حيث كنت أعتقد أن لكل إنسان الحق في أن يعيش حياة كريمة ومنتجة".

تزوجت سعاد عام 1954 من الرجل الذي سيشاركها الشغف والسّعادة في تحقيق أهدافها في العطاء. وأنجب الزوجان أربعة أطفال هم - وليد وخالد وطارق ومها – وعاشت العائلة في جدة، حيث أسس أحمد مع إخوته علي وإبراهيم مجموعة الجفالي.

وتمثِّل مجموعة الجفالي تجمّعاً كبيراً من الأعمال يمتد عبر مجموعة من القطاعات بما في ذلك الاتصالات السلكية واللاسلكية والنقل والتصنيع والهندسة وتكنولوجيا المعلومات، وكانت المجموعة جزءاً لا يتجزأ من إنشاء أول محطة لإنتاج الطاقة في البلاد. وتميّزت عائلة الجفالي بحيويتها الريادية ذات العقلية التي تفكر ببعد عالمي، كما لعبت دوراً مركزياً في التنمية الصناعية والاقتصادية اللافتة في المملكة العربية السعودية.

درست سعاد في كلية بيروت للبنات، المعروفة اليوم بالجامعة اللبنانية الأميركية.

مع ذلك - كما تتذكر سعاد ذلك بفخر - كان أحمد يجد دائماً الوقت لتكريس نفسه لخدمة القضايا الاجتماعية التي يؤمن بها الزوجان.

وتتذكر سعاد قائلة: "كنت قلقة من أنني، بصفتي شابة في المملكة العربية السعودية، لن أتمكن من تحقيق أحلامي أو تطلعاتي"، وتضيف: "مع ذلك، لم يكن الأمر ليجري كذلك. ولولا دعم أحمد الكامل وتشجيعه لي لمتابعة المشاريع الإنسانية والتعليمية التي أردت تحقيقها، لما تحققت تطلعاتي أبداً ولم تكن لتتحقق أحلامي كذلك".

وفي عام 1956، شاركت سعاد في تأسيس الجمعية النسائية الخيرية الأولى بجدة التي تهدف إلى تحسين ظروف المرأة ومكانتها في المدينة من خلال توفير التدريب المهني للنساء وتقديم المشورة في مجال الرعاية الصحية والخدمات الطبية. كما تعد الجمعية واحدة من أوائل الجمعيات من نوعها في السعودية وقد مهدت الطريق لمؤسسات مماثلة لتدخل الميدان في المملكة.

وقالت سعاد لمنتدى مسك العالمي لعام 2022: "بعون الله عزّ وجل ودعم زوجي في ذلك الوقت والجهود الهائلة التي بذلناها، ومساعدة بعض أصدقائي الأعزاء تمكنّا من إقامة أول مركز نسائي في جدة".

 

صورة تجمع الأخوة الجفالي (يسار) مع الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز آل سعود (أعلاه). المصدر: مقدمة من عائلة الجفالي.

مجموعة الجفالي هي تجمّع سعودي أنشأه الإخوة إبراهيم وعلي وأحمد الجفالي في عام 1936، بعد أربع سنوات فقط على ولادة المملكة العربية السعودية كدولة حديثة.

ومنذ تأسيسها، وجّهت الشركة اهتمامها نحو تلبية المتطلبات الأساسية لدولة مزدهرة. وسارع الإخوة إلى تحديد الفرص الرئيسية للنمو. كما لعبوا دوراً محورياً في تعزيز البنية التحتية الآخذة بالتوسّع في المملكة.

والأهم من ذلك أن الإخوة توصلوا إلى أن الطريقة الأسرع والأكثر فاعلية للنهوض بالصناعة السعودية تأتي من خلال إقامة شراكات مع قادة الصناعة حول العالم في جميع المجالات واستقدام المعرفة والتكنولوجيا العالمية إلى الأسواق المحلية. ومع نمو المملكة وازدهارها، نمت أيضاً محفظة أعمال مجموعة الجفالي وتعزّزت وتوسّعت مجالات خبراتها. 

واليوم، تعد مجموعة الجفالي واحدة من أكبر مجموعات الأعمال وأبرزها مكانة في المملكة العربية السعودية، وتتواجد في أكثر من 30 دولة حول العالم. ومن خلال الشراكات القيمة مع الشركات المتعددة الجنسيات بما في ذلك "داو" و"سيمنز" و"مرسيدس بنز" و"ميشلان" و"آي بي إم" و"إريكسون" و"كارير" و"كلفينيتور" و"بوش" و"كارتشر" و"فلور" و"أوتيس"، لا تزال مجموعة الجفالي رائدة في مجالات التنقل والتكنولوجيا والهندسة والخدمات.

وبما يعكس عقلية مؤسسيها، اكتسبت الشركة أيضاً سمعة طيبة لالتزامها بالمسؤولية الاجتماعية للشركات ودعمها لمختلف أنواع العطاء في المملكة العربية السعودية وحول العالم.