مها الجفالي، الابنة الوحيدة لأحمد وسعاد، هي جزء من ثلاثة أجيال من نساء الجفالي اللواتي يُدِرن ’مركز العون‘. وبصفتها مديرة المركز، لا تكتفي مها بأن تبني عملها في العطاء على إرث الأسرة فحسب، بل تنقله أيضاً إلى الجيل القادم. فابنتها دانية، أخصائية علم النفس المؤهلة والمتخصصة في الإعاقة الذهنية، هي مديرة أقسام العلاج في المركز.
وتستذكر مها كيف ألهمت تجارب الطفولة التي عاشتها رفقة والدتها بأن تسلك طريق العطاء فتقول: "منذ أن كنت صغيرة، غُرست أهمية العمل الخيري في داخلي من خلال مرافقة والدتي في الأنشطة الخيرية. ثم تطوعت للعمل مع طفلين مصابين بإعاقة ذهنية".
"ما تعلّمته وورثته من أمي وأبي، كان عليَّ أن أعلمه وأورثه لابنتي. لذلك تعلمت من والدتي بأن أصطحب ابنتي معي [إلى مركز العون]. كانت تأتي معي وتبقى برفقة الأطفال. لم تكن تعي ما يدور حولها ولا تعرف الكثير عنهم. لكن، كما تعلمون، يتم غرس هذه القيم في داخلك وأنت طفل صغير".
وتؤكد دانية أن هذه التجارب حققت التأثير المطلوب قائلة لجمهور منتدى مسك في عام 2022: "لدي ذكريات جميلة جداً عن الذهاب إلى مركز العون ... وعلى غرار جدتي، كان أطفال المركز أصدقائي. ولم أر أي فرق بيننا. فنادراً ما يستطيع الأطفال أن يميّزوا الفرق الذهني بينهم وبين أصدقائهم من الأطفال الآخرين من ذوي الإعاقة الذهنية. لذلك بدأت رحلتي في العطاء عندما كنت بعمر عام، حين كنت أذهب لزيارات المركز مع والدتي".
وتضيف: "أعتقد أن العمل الخيري جزء أصيلٌ مني. لطالما كانت فكرتي حول الانخراط في العمل تدور حول العطاء، وبطبيعة الحال، أعتقد أن ذلك جاء منهما. لذا أخذ مسار حياتي هذا الاتجاه. كما أنني درست علم النفس، وتخصصت في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة الشديدة لأن شغفي كان دائماً العمل مع الأطفال. وهكذا حققت ما كنت أسعى إليه في حياتي".
وتوضح دانية أن لكل فرد من أفراد العائلة أشياء قيمة يمكنه المساهمة بها، إذ تقول: "كلنا نكمل بعضنا البعض ونقدم مهارات ومعارف جديدة إلى المركز. فعلى سبيل المثال، بدأت جدتي بعلم النفس البحت، وقدّمت أمي فرصة التعليم المبكر للأطفال وأنا بدوري أدخلت التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة الشديدة".
وتضيف قائلة: "أقدم الرعاية للعائلات والأطفال مباشرة. كنت مصرة جداً على ألا يعرفني أحدٌ من أهالي الأطفال بأنني ابنة مها الجفالي حتى أتمكن من إثبات أنني هنا من تلقاء نفسي ليس لأنني ابنة رئيسة المركز فقط. وبالفعل أنا محظوظة لأن لدي عائلة تحترم عملي وتسمح لي بالتعبير عن نفسي كما أحب".
أما سعاد، فتقول أن العمل مع ابنتها وحفيدتها نعمة من الله، وتضيف: "أعتقد أنه مزيج جميل من التواصل العائلي والجدية والحب والاحترام. كان إنشاء المركز نابعاً من حبنا للعطاء، كأب وأم، ولا يزال روح العطاء مستمراً في عملي مع ابنتي وحفيدتي".